احمد نور الدين يكتب : مصداقية الخيرية
ساعات قليلة ونحتفل بعيد الفطر المبارك.. أعاده الله علينا جميعا بالطاعات والبركة والخير.. هكذا انقضت لياليه المعدودات، وانفض السوق.. ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر.. جعلنا الله من عباده الرابحين المقبولين، وإذا كان العيد شرعه الله ليكون بهجة وأنسا وبشرا وسرورا علينا ولمن حولنا بعد طاعة وعبادة. فإنما كان ذلك لنظهر فيه ذكر الله وتعظيمه والثناء عليه “ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون” (البقرة: 185)، ولنشكره على نعمة الله ربا، والإسلام دينا، ومحمد نبيا ورسولا، وليعلم كل من يقدح ديننا ويرميه بسهام الزيف والحقد والبغضاء، أن فيه فسحة فى انضباط وليس تحللا من أداء فرائض الشرع والعبادات، ولنحذر أن نبارز ربنا فى عيدنا بالمعاصى والآثام والمنكرات، وقد جعلنا الرب العلى سبحانه خير أمة للناس، وعلينا أن نثبت له عز وجل ولأنفسنا وللناس جميعا مصداقية تلك الخيرية “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” (آل عمران: 110).. وفى ذلك اليوم يكرم الله عز وجل عباده الصائمين القائمين الممتثلين لأوامره فقد جاء فى الأثر أن يوم عيد الفطر يسمى يوم الجائزة فعن سعد بن أوس الأنصارى، عنه أبيه رضى الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا أغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير، ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا.. نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة.. وجائزة المؤمن يوم الفطر أن يوفيه الله أجره كاملا ويباهى به الملائكة وذلك لأنه أتم الصيام وطهر نفسه من اللغو والرفث بزكاة الفطر فعن عبدالله بن عباس رضى الله عنهما – قال (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهره للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات) .
إننا وإذ نحتفل -أحبتى- بعيدنا نتذكر أحوالنا وكيف صار الدين بيننا – واأسفاه – غريبا بعد أن سلط الله على الأمة الضعف والوهن بما اكتسبنا واقترفنا، فصار المسلمون يخجلون من دينهم – إلا من عصم ربى وأضحوا يتنكرون له عملا وقولا وسمتا، فضيعت الشريعة، واستخف بشعائرها وبمن ينادون بتطبيقها من اناس أبوا إلا أن تعمى قلوبهم وأبصارهم كرها للدين ومن يدعو له، فأصبحت عقيدتهم “الباطل حقا والحق باطلا”، وصاروا يحملون لواء إطفاء نور الله فى الأرض والصدور والعقول، ولكن إرادة الله فوق كيدهم وحقدهم “يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون” (التوبة: 32).
فلنحمد الله على نعمة الإسلام، ولنسأله القبول والفوز بالآخرة، وليمكّن كل منّا الدين فى قلبه وبيته ومن يعول حتى يمكّنه الله فى الأرض جميعا، كما ارتضى سنة للكون، وكل عام ومصرنا الحبيبة الغالية وجميعنا وأمتنا الإسلامية بخير وتقبل الله منكم ومنا صالح الاعمال وعيد سعيد إن شاء الله تعالي.